ملف الفن و الإبداع و الخبز المعادلة الصعبة يستضيف اليوم الفنانة فاطمة بوجو

ملف الفن و الإبداع و الخبز المعادلة الصعبة يستضيف اليوم الفنانة فاطمة بوجو
الممثلة فاطمة بوجو: من يمارس الفن في المغرب هو مثل من يلعب اللوطو..الربح فيه هو ضربة حظ..
تقديم و حوار: عبد العزيز بنعبو
كثير من نجومنا و مبدعينا المغاربة المتألقين يعيشون يومياتهم على هامش الإستقرار، لا ينالون من حظ الثبات على حال واحد إلا القليل جدا. و منهم من تمكن من تجاوز عتبة المحن اليومية و الحصول على إستقرار يظل مهددا في أي وقت و حين بسبب سوق العمل الفني و مسارات الإبداع المرتبطة بالعيش. في هذه الحوارات نسائل نجماتنا و نجومنا في الفن و الإبداع عن هذه المسارات و عن الكيفية التي يحاولن من خلالها حل معظلة هذه المعادلة الصعبة معادلة الفن و الإبداع و الخبز:
1* كيف حال الفن و الإبداع مع يومياتكم؟
**الابحار في عالم الفن في المغرب مثل الحريك الى الخارج..الدخول إليه ابحار الى عالم مجهول..هل الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود؟؟ هذا بطبيعة الحال يعتمد على شخصية الفنان وعلى قوة ايمانه. بعمله وثقته في قدرته على التجديف حتى يصل الى شاطئ الامان المادي والمعنوي…وقد يعجز عن اختراق الامواج العاتية التي تعترض سبيله ويصبح طعاما لسمك القرش اي شركات الانتاج..كما ان ممارسة الفن هو مورد للرزق غير مستقر..قد تتكاثر عليك الاعمال لسنة وقد تتوقف لاكثر من سنة..وعندها يجد الفنان نفسه عاجزا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي ….
كما ان الفنان اصبح يعيش حياة الرحل بين المهرجانات عبر ارجاء المملكة وخارجها اكثر من من قضائه الوقت داخل بلاطو التصوير باستتناء قلة من المحظوظين الذين لا يتوقفون عن العمل ونتمنى لهم الاستمرارية في ذلك..
2* هل نستطيع القول أن الفن حقق لكم نوعا من الإستقرار المادي و المعنوي؟
** الفن لم يحقق لي استقرارا ماديا..احيانا اجني مبلغا محترما في الاعمال الغربية والعربية التي تصور ببلادنا وايضا في بعض الافلام السينمائية كفيلم جارات ابي موسى لعبد الرحمان التازي.. والحمد لله انني اشتغل كاستاذة للتعليم بوزارة الثقافة..نعم تمنحني الوظيفة استقرارا ماديا ولكنهاتحرمني من المشاركة في العديد من الاعمال.لانه ليست لنا حرية التغيب كما نشاء.مع اننا نتهم بذلك دائما..اذ لنا مواعيد عمل علينا الالتزام بها..اما عن الاستقرار المعنوي فبعد الحمد لله على لائحة الاعمال العديدة التي تمكنت من المشاركة فيها فاني اعتبر نفسي لم احظ بحقي من الادوار التي تظهر قدراتي الحقيقية التي لم يكتشفها الجمهور بعد..
3* لماذا في نظركم يظل الفن بعيدا عن تحقيق التوازن المطلوب معيشيا و مهنيا لممارسه؟
** ليحقق الفن التوازن المطلوب معيشيا ومهنيا لممارسيه عليه اولا ان يحقق الربح لمدعميه ومنتجيه..غير انه في بلدنا هو فن مصاب بالعقم وعاجز عن تحقيق الربح بعد مرحلة الانتاج.اذ ان اعمالنا الدرامية حتى الان لم يتم تسويقها بالخارج وان كان البعض منها يحظى بالجوائز في التظاهرات الفنية العربية..كما انها اعمال حظيت باهتمام المتفرج المغربي ولكنها لم تتمكن من ارواء عطشه علئ مستوئ الفرجة..ولم تصل الى مستوى طموح الجمهور وانتظاراته..كما ان اعمالنا الدرامية تظل مثل اطلالة هلال رمضان وتختفي بانتهائه..تعيش الاعمال الدرامية ربيعها اليانع خلال رمضان وما بعده هو خريف وجفاف شبه سنوي..فغياب البرمجة السنوية المكثفة تجعل اغلب الممثلين يعيشون بطالة في اغلب شهور السنة باستتناء شهري رجب وشعبان..
4* هل نستطيع القول أن سوق الفن و الإبداع في المغرب لا تسمن و لا تغني من حاجة؟
**لا يمكننا الحديث عن سوق للفن في المغرب ..لان لفظة سوق تعني تجارة بائع ومشتري..ونحن نتوفر على مدعم الذي هو القناة التلفزية ومستهلك الذي هو المتفرج..واعمالنا لا يشتريها احد ومسؤولينا لا يكلفون انفسهم عناء البحث عن سبل ترويج هذه الاعمال..وواقع اغلب الممثلين والمخرجين والتقنيين ينطق بحقيقة ان من يمارس الفن في المغرب هو مثل من يلعب اللوطو..الربح فيه هو ضربة حظ..
5* ماذا لو أعدنا معكم صياغة يومياتكم هل كنتم تختارون الفن و الإبداع مسلكا ليومياتكم و طموحاتكم؟
**عشقي لممارسة الفن اقوى من اهتمامي بالربح المادي..حاولت ان افطم نفسي منه مرتين ولم انجح ..بل كنت اعود وانا اكثر تمسكا به من السابق..لانه يمنحني اكثر مما اعطيه..يمنحني المتعة ويمنحني حب اناس لا علاقة لي بهم سوى الشاشة..اناس يحبونك بلا مقابل.يبتسمون في وجهك ويقدرونك ويحتفلون بك ..دعم الجمهور المغربي الكريم معي ومع كل الفنانين الذي لا يقدر بثمن..وشكرا للجمهور المغربي على دعمه لنا حتى وان لم نكن عند حسن ظنه دائما..
6* بعد كل هذا التراكم في الإنجازات لازال المشهد الفني و الإبداعي المغربي يراوح مكانه خاصة بالنسبة لممارسيه أين يكمن سبب ذلك؟
**هناك اسباب عديدة..منها ان الكتابة الدرامية هي في اغلبها سطحية وبلا ملامح..تغيب عنها الهوية المغربية..العادات والتقاليد..امثالنا الشعبية التي تختزل فلسفة الانسان المغربي ونظرته للحياة..ثقافتنا الاصيلة..كتابة لم ترق الى عكس روح الانسان المغربي الذي هو مثال للاصالة والمعاصرة.والاعتدال وعدم التشدد في الدين وفي الافكار..المنفتح على ثقافات الاخر خارج حدود بلادنا..الرجل المغربي هو قمة في الكرم والسخاء مع امراته اولا ومع الاخرين..رقيق المشاعر.عواطفه جياشة..والانسان المغربي غير منافق اذا احبك فداك بنفسه واذا كرهك قطع صلته بك..كما هو انسان مناضل من اجل الحق والكرامة..اعمالنا لا ترسم ملامحنا..نعم قد تحقق فرجة انية.رهينة باللحظة..ولكنها لا تترك اثرا في مشاهديها..تم ان الاعمال التي تنبني على قيم اخلاقية انسانية.والتي تخاطب احاسيس الانسان كيفما كان جنسه او لغته هي التي تحقق النجاح وطنيا ودوليا ويسهل تسويقها نحو الخارج..بالاضافة ان جل منفذي الانتاج ومع انهم يتذمرون من ضعف ميزانية الانتاج فانهم يركزون على التوفير المادي ويتجاهلون قيمة الرقي بالعمل الفني الى مستوى الابداع والخلق..كما اننا جميعا كمواطنين نفتقد الى تربية فنية في حياتنا اليومية .نعيش مع الخوف من شبح الجوع وهذا يؤثر علئ قراراتنا سواء كنا متفرجين .فنانين او منتجين ومسؤولين بالقنوات..
7* ما الذي يلزم للخروج من هذه الوضعية غير المستقرة للفنان و المبدع المغربي؟
**اولا تربية فنية منذ مرحلة الطفولة ..ثانيا خلق سياسة ثقافية وتوفير بنية تحتية لها بخلق فضاءات للعروض الموسيقية والسينمائية والمسرحية.وكذا الفنون التشكيلية والخزانات العامة ..والملاعب الرياضية لتكون في متناول الجميع وليس امتيازا للبعض في المدن الكبيرة ..لان طفل اليوم هو من سيقرر عندما يصبح موظفا ..فاذا نما بعيدا عن الوعي الفني واهميته في التربية..فليس من حقنا ان نطالبه فيما بعد عن غياب سياسة ثقافية وتربوية..وهذا بدوره ينمي الرغبة في الفرد من تخصيص بعض المال لشراء تذاكر العروض حتى وان كان مدخوله ضعيفا..ونحن نرى ان المغربي لا يحرم نفسه من شراء تذكرة مبارة كرة القدم..ولا شراء هاتف نقال ولا برابول..ولا ملابس اخر موضة بحجة ضعف مدخوله الشهري…كما ان على المخرجين ان ينفتحوا في توزيع الادوار على الجميع بدل التركيز على البعض واقصاء البعض الاخر..وايضا نتمنى ان يكون منفذي الانتاج اكثر سخاءا مع الممثلين والتقنيين..وان يعمل مسؤولي القنوات على تكثيف برمجة الاعمال المغربية طيلة السنة.وايضا العمل على ترويجها بالخارج..وايضا على الممثلين ان يكونوا اكثر تضامنا فيما بينهم فيما يخص اجبار المنتج على الرفع من اجر الممثل..مثلا وهذا يتكرر دائما..اذا رفض ممثل دورا لان الاجر زهيد..فعلى من ياتي بعده ان يتخذ نفس الموقف..مع العلم انه احيانا مع ضغط ” ” الكريديات” يوافق مرغما..
8* ألا ترون أن الحل يبدأ بإعطاء الفنان و المبدع وضعية إعتبارية مادية و معنوية و قانونية تحصنه من الطفليات قبل الحديث عن أي تأطير أخر؟
** نعم للعمل على تحقيق وضعية قانونية مستقرة للفنان للمغربي..غير ان مسألة الحسم في اجور الممثلين هو امر استعجالي ولا يحتمل الانتظار تفاديا للوضعيات المتازمة التي يعيشها العديد من فنانينا المشهورين والذين نعرفهم منذ طفولتنا ونكن لهم كل التقدير والاحترام ونتمنى ان نراهم في وضعية مادية جيدة تليق بهم ومكانتهم العالية لدى الجمهور المغربي..الممثل بحاجة الى ان توقع اتفاقية اولية بين القنوات التلفزية وشركات الانتاج على تحديد اجر الممثلين ..لانه في غياب ذلك يبقى الممثل تحت رحمة انياب المنتج..مرغما على قبول اجر زهيد حتى يتمكن من اداء جزء من ديون الكراء والمصاريف اليومية.وفي نفس الوقت حتى يحقق متعته الذاتية في التواصل مع جمهوره على الشاشة
9* ختاما كيف ترون أفق المهنة من خلال يومياتكم ؟
**الحمد لله ان الانتاجات التلفزية والسينمائية عرفت ارتفاعا من ناحية الكم مقارنة مع السنوات التي كانت تنتج فيها مسلسلين وعدد ضئيل من الافلام التلفزية..وايضا شهدت تنوعا ملحوظا خاصة بعد تعاطي العديد من الشباب للاخراج وهذا في حد ذاته اغناء للساحة الفنية وفرصة لخلق جو من المنافسة سيساعد على الرقي باعمالنا الدرامية…احيانا كثيرة ننتقد الميدان الفني بلا رحمة وهذا فقط لان طموحاتنا اقوى من واقعنا..انا جد متفائلة بتطور اعمالنا الدرامية.ونحن محظوظون بتواجد مخرجين وتقنيين وممثلين اختاروا العمل في هذا المجال مع علمهم المسبق بالتحدبات التي عليهم مواجهتها ولم يقفوا عاجزين امام ضعف الدعم المادي والمعنوي..بل واصلوارالعمل بكل حب واصرار..لهم جميعا ارسل باقة تقدير واحترام واجلال لجنود الفن الاوفياء.