الممثلة فاطمة بوجو: أستاذ التعليم الفني بوزارة الثقافة ليس موظفا شبحا

الممثلة فاطمة بوجو: أستاذ التعليم الفني بوزارة الثقافة ليس موظفا شبحا

الفنانة "فاطمة بوجو"، خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط سنة 1993 تخصص (تشخيص)، حاصلة على دبلوم الدراسات المعمقة بكلية الآداب "ظهر المهراز بفاس" سنة 1995، أستاذة التعليم الفني بوزارة الثقافة منذ 1994، مؤطرة للتكوين المسرحي بمديرية الثقافة بالرباط. تقول إنها ممثلة مع وقف التنفيذ، وإنها تعيش الحضور والغياب في الساحة الفنية.. "غياب يعود أحيانا لأسباب عائلية وأخرى لا تعرفها"، حسب تعبيرها. كما ترى أن الصراع الذي يدور رحاه بين صفوف الفنانين من حين لآخر "تتسبب فيه الصحافة أحيانا" بافتعالها لأمور من أجل موضة "الشهرة فضيحة".. وتقول إنه أمر بعيد عن عادات المجتمع المغربي الذي يفضل تبني الجانب المحافظ. وتردُّ مُحاورتنا أيضا في هذا الحوار عن من ينعتون أستاذ التعليم الفني بوزارة الثقافة بالموظف الشبح. وفيما يلي نص الحوار..الذي أجرته "أنفاس بريس" مع الممثلة بوجو:

+ تشاركين في مسرحية بعنوان "الهياتة"، تحت إدارة المخرج عبد الكبير الركاكنة، حديثنا عن قصة المسرحية والدور الذي تقومين بتشخيصه داخل فصولها؟

- "الهياتة" مسرحية كانت لها الجرأة والشجاعة لطرح موضوع الأم العازبة، الذي يتجنب غالبية المغاربة الحديث عنه وعن نفسية الأطفال المتخلى عنهم، وغيرها من المواضيع اللصيقة بهذه التيمة. دوري فيها هو المحامية التي تعرضت للزواج المبكر بالإكراه، ثم تلاه طلاق عسير، وبعده رفضت الزواج رغم ضغط الأم عليها، فركزت على عملها لتوعية المرأة والدفاع عن حقوقها من خلال مدونة الأسرة الجديدة.. أنا فخورة بأن المسرح احتضنني وبكرم منذ عودتي. بدايتي كانت مع المسرح بدار الشباب "رحال المسكيني بالقنيطرة" مع أستاذي الحسين الراضي في سنة 1985، والمسرح المدرسي مع أساتذتي أبو سيف محمد وجوهرة محمد في نفس السنة..

+ قبل دفتر التحملات في القطاع السمعي البصري شاهدك الجمهور في عدة أعمال تلفزية وبعدها جاء الغياب.. هل تتفقين مع الرأي القائل بأن دفتر التحملات لم يحقق تكافؤ الفرص بين الفنانين؟

- الجمهور يحفز على الإبداع، والفن يعيش حالة المخاض والتأسيس، قد تصدر قرارات قد نستفيد منها وأخرى لا، منها قوانين دفتر التحملات.. نعم فقد أغلق الباب في وجه المقاولات الصغرى وحرم العديد من المخرجين والممثلين والتقنيين والمنتجين من فرص العمل، والعديد من هؤلاء اشتغلنا معهم سابقا والآن أصبحوا عاطلين. أما عن تكافؤ الفرص فأقول بأن رحلتي مع التمثيل مسؤوليتي ونتيجة قراراتي ودرجة إيماني بنفسي سابقا، ولا يمكنني لوم الآخرين عليها ولا الاحتجاج ضد من يعمل باستمرار. سوق العمل مفتوح للجميع، وعلينا أن نفرح إن حقق زملاؤنا في المهنة نجاحا لم نحققه نحن، يجب أن نتوقف عن الاحتجاج ضدهم، لأنه رد فعل ينبني على الغيرة والحسد، وعلينا أن نتمنى بأن يرتفع الإنتاج الدرامي ليشتغل الجميع (محترفين وهواة) وخريجي المعاهد وأيضا من يعشق التمثيل. أستغرب دائما لم نحن المغاربة نحتج ونعترض على من يعمل أكثر من الآخرين ويحقق دخلا ماديا عاليا، وفي نفس الوقت نبكي ونتألم على من يعاني من البطالة الفنية، نطالب بتوفير دخل قار وتغطية صحية للممثلين، وفي نفس الوقت نحتج ضد الممثل صاحب الدخل القار، نطالب بالفنان الواعي المثقف الحاصل على الشهادات ونتحامل ونحارب خريجي المعهد العالي للفن المسرحي. علينا أن نتساءل: هل نحتج من أجل الاحتجاج الناتج عن الإحساس بالفشل!؟؟ أم هو احتجاج موسمي!؟؟ أم بحكم العادة أو التقليد!؟؟ أم نحتج عن وعي وفهم لكل الجوانب المحيطة بكل موضوع!؟؟.

+ ما رأيك في الجدال بين الجيل القديم (الرواد) والجيل الجديد، وبالضبط بعض خريجي المعهد الذين يزاوجون بين الوظيفة والفن، والحديث يتعلق بمقترح "قانون الفنان" ومسألة التفرغ والانتساب وما ترصده بعض المنابر الصحفية من صراعات في الوسط الفني؟

- أنا لا أرى صراعات في مجالنا الفني، بقدر ما هي اختلافات في الرأي، وهذا أمر طبيعي. ففي كل الأعمال التي شاركت فيها سابقا دائما يسود جو من الألفة والحب بين الممثلين، فقط أحيانا الصحافة تفتعل أمورا من أجل موضة "الشهرة فضيحة"، وهذا أمر بعيد عن عادات المجتمع المغربي الذي يفضل تبني الجانب المحافظ. أتمنى أن نطبق: "أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك"، وأن نفرح لكل ممثل نجح في مساره وتألق، وأن نبتعد عن افتعال صراع الأجيال في مجالنا الفني. الرواد هم أساتذتنا ونحترمهم ونقدرهم، وأحيانا نرى منهم ممارسات وأعمال لا ترضينا، واحتراما لمسارهم نتجاهلها، ونتمنى أن يعاملوا خريجي المعهد بالمثل، فوجود الواحد لا ينفي وجود الآخر. على الفنان أن يمتلك روح الحب والتسامح والكرم مع الجميع وبلا استثناء ولا تفرقة باعتبار السن أو الأقدمية، المجال الفني مفتوح للجميع.

+ بحكم أنك "ممثلة فنانة" و"أستاذة التعليم الفني (مادة المسرح)" تحت لواء وزارة الثقافة.. هناك من ينعتك أو ينعت بعضكم بالموظفين الأشباح.. ما ردك على من يقول مثل هذا الكلام؟

- أوجه الكلام لمن يقول ذلك ولبعض الفنانين، عليهم أن يقرأوا الدستور، وأن ينتبهوا للفرق بين الموظف وأستاذ التعليم الفني بوزارة الثقافة.. نحن أساتذة التعليم الفني بالوزارة، نقوم بتدريس المسرح وفق عدد الساعات المنصوص عليها قانونيا، ومن يقول غير ذلك لا يستحق منا الرد على جهله، ويتحمل مسؤولية تصديقه للإشاعة الفارغة، وإصداره لاتهامات باطلة في حقنا وحق المسؤولين الذين يراقبون عملنا وينقطوننا عليه سنويا، ويرسلون تقريرا لوزراة المالية ويؤكدون فيه مزاولتنا لأعمالنا، فمن هو هذا المسؤول الذي سيغامر بعمله من أجل حماية موظفين أشباح.. أحيانا أفكر بأنه علينا رفع دعوى قضائية ضد من يصدر هذا الاتهام الباطل.. الحياة اختيارات، هناك ممثل اختار التمثيل دون دراسة فمرحبا به، وهناك ممثل اختار ولوج الدراسات الأكاديمية العليا فمرحبا به.. وليتحمل كل منا مسؤولية اختياره.. راتبنا الشهري نتقاضاه مقابل عمل نمارسه وليس هبة تمنحها الوزارة لنا.

+ قد يفهم البعض أنك راضية عن الوضع الفني بالمغرب رغم المشاكل الكثيرة التي يتخبط فيها أغلب المحترفين والهواة وخريجي المعهد على حد السواء.. خصوصا في ظل عدم الاعتراف الذي يحط من قيمة الفنان معنويا وماديا؟

- أعيش على أرجوحة العشق الأبدي للتمثيل، خطوة للإمام وخطوات للوراء.. أحيانا أتساءل لم الاستمرار في عالم لا يعترف بوجودي؟؟ الجواب دائما هو "أنا هنا لممارسة ما أحبه ولا يهمني أن يعترفوا أو لا يعترفوا بوجودي"، ويكفيني حب الجمهور الذي مازال يتذكر أعمالي القديمة، وحضن الخشبة الذي مازال يحتضنني بسخاء. والجميل أنني مؤمنة بنفسي وبتحقيق أحلامي، ولا يهمني متى، وإن كانت تأتي لحظات يجعلني البعض أحس أني متسولة تطلب صدقة (الدور)، مع أنني أعيش الآن لحظات صفاء وقناعة مع نفسي.