فاطمة بوجو: نحن بحاجة للجرأة في طرح المواضيع وليس لاستفزاز الجمهور
فاطمة بوجو، من مواليد القنيطرة و أصلها من زاكورة ، فنانة ونجمة سينمائية ومسرحية وتلفزيونية. خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط الفوج الرابع 1993، وهي أيضا استاذة التعليم الفني بوزارة الثقافة بالرباط، حيث تدرس المسرح في المحترف الدرامي التابع للوزارة.
الفنانة فاطمة بوجو متنوعة في نشاطها الفني وتولي اهتماما خاصا بالنشاط الجمعوي.
في هذا الحوار نسلط الضوء على مسارها الفني وعلاقتها بالفن، وعلى واقع الفن المغربي والقضايا المتعلقة به كالجرأة والواقعية، فضلا عن جديدها الفني.
—————————————————————-
في بداية الحوار، يود قارئ أنباء اليوم المغربية أن يعرف من هي فاطمة بوجو؟
فاطمة بوجو ممثلة تبحث عن المتعة الذاتية من خلال التمثيل وليس الشهرة…أتمتع بوجودي على الخشبة وأستمتع بكل لحظة تمنح لي أمام الكاميرا، وما يحدث بعد هذه اللحظات لا يعنيني…
ماذا يمثل الفن بالنسبة لك؟
الفن هو عالم يفتح لك ابواب العطاء دون انتظار المقابل… فرصة للتواصل مع الروح ومع الطاقة الابداعية المتواجدة عند الجميع … فالأم عندما تضع لمسة تزيين على اطباقها فنانة، والصانع في كل الحرف فنان والخياط والنجار والمهندس والجميع فنان .
فالفن ليس حكرا على من يقف أمام الكاميرا والأضواء.
كيف كانت الانطلاقة في هذا المجال؟
في عام 1984 ، شاركت في مسرحية مع الأستاذ الحسين الراضي بدار الشباب رحال المسكيني بالقنيطرة، وكانت رحلتي مع المسرح المدرسي لثلاث سنوات عام 1985 ، مع أساتذتي ابوسيف محمد وجوهرة محمد ومصطفى الكليتي واخي بوجو عبد العزيز ، صحبة مجموعة مميزة من تلامبذ ثانوية المسيرة.
نظمنا فيها أسابيع ثقافية بالثانوية وعروض مسرحية انتقلت إلى سينما بلاص ومدرسة التقدم في الليالي الرمضانية التي نظمها لنا النائب لوزارة التربية خالد السلامي مع الاستاذ الخياطي …وكان لاساتذتي دور كبير في حياتي، لأنهم شجعوني على ولوج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط من أجل تنمية وتطوير موهبتي .
ما رأيك في الأعمال الفنية اليوم؟ هل تعرف تحسنا؟
الحمد لله، الأعمال الفنية اليوم دخلت الى مرحلة التنوع والجودة والنجاح في تحقيق الفرجة للمتفرج المغربي الذي اصبح شغوفا بمتابعتها، كما يشهد الميدان ارتفاعا نسبيا في عدد الأعمال الفنية وان كان ارتفاعا محدودا لا يرقى الى طموح العاملين في المجال ولا الجمهور المغربي.
من هم المخرجين الذين تفضلين العمل معهم؟
عملت سابقا مع مخرجين من الرواد، منهم عبد الرحمان ملين، شكيب بن عمر، فريدة بورقية، محمد عاطفي ،حميد بناني، خالد ابرهمي ،حكيم البيضاوي ،عبد الرحمان التازي وسعد الشرايبي وتوقفت لفترة ..وعند عودتي اشتغلت مع سناء عكرود ، هشام العسري ،زكية الطاهري وحميد زيان..
وحقيقة افتخر بالعمل مع الجميع كما اتمنى ان يتكرر العمل معهم وايضا مع كل جيل المخرجين الجدد والشباب، فكل مخرج له تكتيكات وطرقه الخاصة وتكون بالنسبة لي تجربة وتكوين اتعلم وأتمرس من خلالها.
ما رأيك في موضة الجرأة الزائدة في الأفلام المغربية والمغطاة تحت اسم الواقعية؟
اعتبر ان الاعمال الفنية تنبني على شخصيات مستوحات من الواقع تقدم في قالب فني يمتزج فيه الخيال بالواقع ، مبني على ثنائية الخير والشر في الحياة، لذلك فأفلامنا عليها أن تعكس واقع مجتمعنا وروحه ايضا ، وارفض ان نستثني بعض الافراد كشخصية بائعة الهوى ، بحكم أنها امرأة وبأن المرأة هي رمز الشرف وهي مقدسة وعلينا ان نحافظ على هذه الصورة حتى لا نشوه صورتها أمام الدول الأجنبية ..
أحيانا استغرب من ردود فعل الجمهور عن أمور هو يمارسها يوميا وهي تشويه فعلي للمرأة …انه غريب ان يعتدي على المرأة وعلى عواطفها وجسدها بطرق مخادعة…ثم في نفس الوقت يحتج على تشويه صورتها على الشاشة …
أظن أننا في امس الحاجة لأفلام تمنحنا فرصة رؤية وجهنا في المرأة لتخرجنا من عالم الهذيان الذي يعيشه البعض ومن الافراط في الانغلاق السلبي المستمد من الجهل ..نعم نحن بحاجة للجرأة في طرح المواضيع وليس لاستفزاز الجمهور.
هل يمكنك يوما المشاركة في فيلم “واقعي”؟
لو عرض علي الأمر بعد تخرجي من المعهد كنت ساوافق لانني وقتها كنت مقتنعة بأنه دور كغيره من الأدوار، بعيدة عن شخصيتي الحقيقية.
لكنني الان ومع مرور السنوات، لن اوافق بعد ان تأكدت بان المتفرج المغربي لا يفرق بين الدور والممثل. فمن تؤدي دور بائعة الهوى فهي كذلك، وسيحاكمها الجمهور خارج سقف المحكمة .
هل ترين أن الشاشة أصبحت حكرا فقط على بعض الوجوه؟
أنا لا أراها حكرا على بعض الوجوه، بل افرح عندما أرى ان زميلا لي في المجال الفني حقق تراكما ضخما على مستوى المشاركة. وفي نفس الوقت أتمنى أن تكثر الإنتاجات لتستوعبنا جميعا ونحظى بنفس الفرص…
اتمنى ان ينتبه الممثلون، فبدل ان يوجهوا غضبهم نحو ممثل اخر يعمل اكثر منهم، ويحولوه الى حرب بين الفنانين، عليهم ان يتكتلوا للضغط على القنوات من اجل رفع عدد الانتاجات المغربية والتقليص من شراء الأعمال الاجنبية ، وفي نفس الوقت على تفعيل قانون الفنان.
هل الحظ يلعب دورا مهما في نجاح الفنان أم هذه شماعة يعلق عليها بعض الفنانين رسوبهم؟
انه ليس الحظ ، بل هو قوة الإيمان بالنفس والثقة في تحقيق الأحلام والطموحات…ومن لم بحقق أحلامه هنا عليه أن يراجع نفسه وان يعالج ضعف ايمانه بنفسه وبقدرته على تحقيق النجاح في عمله ..أحيانا أرى أن البعض منا هم أعداء لنجاح الأخرين ..فالممثل الذي صعد نجمه ينعث بأنه متملق أو يعمل بثمن اقل أو يبيع جسده لقاء دور اذا كانت أنثى ..
هل ندمت يوما لاختيارك عالم الفن؟
احمد الله على تجربتي في الفن التي فتحت لي عوالم المعرفة والبحث والتنور والانفتاح على ثقافات العالم وفي نفس الوقت ساعدتني على رؤية نفسي من الداخل وخلصتني الآن من ظلام النفس وسلطة الأفكار الوهمية.
أنا الآن أعيش السلام مع نفسي كما استرددت ثقتي بنفسي وبقدراتي. وهذا فقط بفضل رحلتي مع الفن، ولو عدت للوراء سأختار نفس الطريق ونفس الخطوات. فتجارب الحياة هي من تصنع الإنسان وليس العكس.
إلى جانب الفن، هل هناك أنشطة أخرى؟
الى جانب التمثيل، أقوم بورشات مسرح بالمحترف الدرامي التابع لوزارة الثقافة كأستاذة للتعليم الفني ، كما أقوم بورشات تكوينية في مجال التنمية الذاتية من خلال المسرح ، و عضوة بمجموعة من الجمعيات، وأساعد في تنظيم بعض المهرجانات. كما احضر لكتاب عن التمارين المسرحية.
ما جديدك الفني؟
قرابة أسبوع بدأت التصوير في مسلسل مغربي سيعرض على القناة الثانية خلال شهر رمضان القادم ، ويمكنني القول انني مع هذا الطاقم الفني وجدت عائلتي الفنية الحقيقية. بالإضافة إلى جولتنا المستمرة مع مسرحية “الهياتة”، من اخراج الممثل القدير عبد الكبير الركاكنة، ونحن مقبلون على عرض باسبانيا قريبا. كما سأبد التداريب على مسرحية جديدة مع فرقة “لافابريكا”. وسأقوم بورشة مسرح للشباب في مهرجان للمسرح بوجدة خلال هذا الشهر وتليها أخرى ببنجرير.
ما هي نصيحتك للشباب الواعد في هذا المجال؟
للشباب الذي يعشق ممارسة الفن، عليه أن يسأل نفسه أولا لماذا هذا الاختيار ؟ هل لأنه يتمتع به ويحقق ذاته من خلاله ؟
أم تقليدا لممثلين نجحوا في المجال؟ أم لأنهم بدون عمل ويرون أن التمثيل أسهل الطرق؟ أم لأنهم يتوهمون بأن التمثيل سيجعلهم أكثر قيمة في نظر الآخرين ؟؟؟..
وأهم سؤال هو ماذا سيعطون للآخرين من خلال الفن وليس ماذا سيأخذون منه.
كما أقول لهم بأن المجال الفني مفتوح للجميع ولا تسمحوا لأحد بان يسمم أفكاركم أو يغير وجهتكم.
انه قراركم وحدكم والمستشار الوحيد هو صوت قلبكم .
هل الشهرة والنجاح في مجال الفن يستدعى تقديم التضحيات والتنازلات؟
كذب من قال أنه يضحي من أجل الفن او يقوم بتنازلات، لأن الممارسة الفنية اختيار وقرار شخصي حر ، وعلى الإنسان أن يتحمل نتيجة قراره ..
نعم في بلادنا هي مغامرة مجهولة المصير ، ولكن لا أحد مرغم على خوضها. فالفنان مثله مثل أي صاحب مشروع. لا ضمانات فيه قد ينجح وقد يفشل، انه قانون عالمي ويسري على الجميع…قانون الربح و الخسارة …
فلم نعتبر الفنان الضحية مع أن هناك الملايين من المغاربة ممن لا ضمان صحي لهم ولا نظام تقاعد؟ بل على العكس هناك العديد من الفنانين من يستفيدون من امتيازات خاصة من العموم أو من العائلة الملكية ولكنهم لا يصرحون بذلك.
كلمة أخيرة لجمهورك…
الحياة جميلة وممتعة ومغربنا جميل ورائع، والناس طيبون ويحبون فعل الخير، فقط علينا أن نغير طريقة تفكيرنا ونوجه طاقتنا نحو أنفسنا ونركز عليها وبأن نحب أنفسنا ونحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا.
حاورتها نجلاء بنحمو