رحلة الهياتة في رمضان بالتفصيل والبيان

رحلة الهياتة في رمضان بالتفصيل والبيان

على مقربة من المركز الثقافي بمدينة مشرع بلقصيري ، كان صوت المقرئ يصدح من مكبرات الصوت للمسجد المجاور " يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر، رأيتهم لي ساجدين" ، وقتها  كان كل شيء على أتم الاستعداد لانطلاق العرض المسرحي الهياتة ، لكن عبد الكبير الركاكنة يصر على أنه لا يمكن ذلك ، إلا بعد اختتام صلاة التراويح ، نفحات إيمانية كانت تجلل المكان ، كل ممثل في صمته يلوب ، الأجواء الروحانية تدفع الممثلين  ليستشعروا هذه النفحات الرمضانية حتى تمنحهم القوة والتوفيق أثناء العرض ، تقديم العروض المسرحية في رمضان ليلا  له خصوصية مختلفة تماما عن باقي الأيام  هو ديدن وإيقاع آخر بمذاق مختلف ، والسفر أيضا .

 

في الحادية عشرة صباحا  كان تجمع أعضاء فرقة مسرح الحال ،أمام بناية المسرح الوطني محمد الخامس ، ان أول الواصلين الفنان عبد الكبير الركاكنة وبعده الممثلة هند ضافر والمصور محمد المنور وبعدي مباشرة ستصل الفنانة كنزة فريدو ، سيارتان  كانتا رهن  إشارتنا ، وبعد أن التحق بنا بدر وآدم الركاكنة  بالسيارة الثانية ، انطلقنا في رعاية الله والوجهة  مدينة مشرع بلقصيري ، كان يوما رمضانيا قائظا ، كل واحد فينا كان مستكينا بفعل قلة النوم و الحرارة ، في الطريق كان الكثير من التأمل والكثير من الكلام ، وحده الركاكنة كان بين الفينة والأخرى يسأل التقنيين حسن المختاري وخالد الركاكنة ومساعدالمخرج سعيد غزالة  المتواجدين هناك قبل يوم ، (يسأل )عن الظروف وهل كل شيء على أحسن ما يرام ، علامات الارتياح كانت بادية وهي تطفو على ملامح وجهه كلما أنهى المكالمة ، بمدينة القنيطرة سيلتحق بنا الممثلين فاطمة بوجو وأحمد بورقاب ، أما الممثلة نزهة عبروق فقد كانت متواجدة بمدينة مشرع بلقصيري .

 

في الثانية  كان الوصول إلى مدينة مشرع بلقصيري ، وكان الأوان زوالا ، الشمس تلفح هدوء هذه المدينة الصغيرة النائمة بين أحضان نهر سبو من جهات ثلاث ، ورغم التعب الذي كان باديا على الوجوه فإن الركاكنة أصر على القيام ببروفة عامة ، حتى يضبط كل تفاصيل العرض ، بعد ساعتين توجه الجميع إلى بيت الفنان محمد المنور ابن مدينة بلقصيري  الخدوم الطيب ، أن يفتح لك واحد بيته ، فكأنما فتح لك قلبه ، شاركنا أسرة المنور وجبة الفطور بكثير من الحبور و بكثير من التحنان والمحبة ، كان فطورا غنيا وشهيا مازجه وقت بهيج ، تقاسمنا جميعا الطعام والفرح ومحبة المسرح
" يا أبت هذا تاويل رؤياي ، قد جعلها ربي حقا " ، المقرئ  يكاد ينهي آخر ركعات التراويح ، والجماهير بدأت تتوافد على قاعة العرض ، في تمام العاشرة والنصف ، يطفئ حسن المختاري تقني الصوت والإنارة أضواء القاعة ، يظهر الممثلون على خشبة المسرح ، رجاء الكثير من الصمت لقد بدأ عرض الهياتة .
 
الحضور مبتهج ، التفاعل وصل ذروته ، الممثلون في حالة من النشوة ، إشراقات الهياتة تشعل القاعة ، إنها أقصى المتع ومنتهى اللذة المسرحية ، على مدى ساعتين، هي زمن المسرحية استمر هذا الجنون الآسر بين الملقي والمتلقي حد الثمالة ، لم يكتفي الجمهور بذلك ، فبعد نهاية العرض ستتحول الكواليس إلى ركح مفتوح يضم الممثلين والجمهور على السواء ،  أخذ الصور التذكارية يصبح غاية الجماهير ، فرصة لا يمكن  تفويتها فكل شيء استثنائي ....  الشهر ...الليلة .... والعرض .    

في حدود الثانية صباحا بدأ الوقت يداهمنا ، فلم يتبقى الكثير على دخول وقت آذان الصبح ، التقنيون لازالوا يفككون قطع الديكور ويحملونها في مركبة خاصة ، في الثانية وخمسة وأربعين دقيقة وضع صاحب المطعم الأكل ، التهمناه على عجل ، حين أذن المؤذن معلنا دخول وقت الإمساك ،  كنا قد أنهينا احتساء كؤوس الشاي بقليل ، قبل أن نودع بعض الأصدقاء من أبناء مدينة مشرع بلقصيري ، ونشد الرحال عائدين إلى الرباط .

 عبد القادر مكيات